بَيْنَ إِتْقَانَيْنِ، لُغَاتٌ تُحَوَّلُ إِلَى أَسْلِحَةٍ فِي مَعْرَكَةٍ فِكْرِيَّةٍ طَوِيلَةٍ | اللُّــغَــوِيّــــ
اللَّهُمَّ ارْفَعِ البَلَاءَ عَنْ غَزَّةَ 🇵🇸 🤲🏻

اللُّــغَــوِيّــــ

((إنَّ التأليف على سبعةِ أقسام، لا يؤلِّف عالمٌ عاقلٌ إلا فيها -وذكر منها-: ٠٠٠أو شيء متفرّق يجمعه، أو شيء مختلط يُرتبه)) متابعة وتواصل: 📢 تيليجرام 📺 يوتيوب 🐦 إكس (تويتر) ✉️ البريد الإلكتروني



يحيى السينوار: لغة العدو لفهم مخططاتهم

في زنزانة ضيقة تحت وطأة الاحتلال، أدرك يحيى السينوار -رحمه الله وقبله شهيدًا- أن القوة لا تكمن في السلاح وحده، بل في فهم العقل الذي يصنعه. خلال سنوات الأسر الطويلة، بدأ بتعلم العبرية - ليس ككلمات فحسب، بل كنافذة على ثقافة العدو ومخططاته. مع كل كلمة تعلمها، كان يخطط لمستقبل يدافع فيه عن شعبه بقوة الفكر إلى جانب القوة، مؤمنًا أن فهم الآخر هو بحد ذاته انتصار.

بدأ تعلم العبرية من السجّانين والكتب، يدوّن الكلمات كما يُنقش السلاح. لم يكن التعلم بالنسبة له ترفًا، بل أداة لفهم استراتيجيات المحتل ومكائده. خرج من السجن مسلحًا ليس بلغة العدو فقط، بل بفهم أعمق لنفسيته.

اكتشف يحيى السينوار أن إتقان لغة العدو لم يكن خيارًا بل ضرورة. تعلم العبرية ليقرأ الصحف ويتابع الأخبار ويخوض في تفاصيل مخططات الاحتلال. تحول من سجين يعاني في فهم الكلمات العبرية إلى قائد يقرأ بين السطور، مسلحًا بلغة العدو لفك شفرات استراتيجياته ومواجهتها على الأرض.

أفيكاي أدرعي: لغة التأثير والتحكم

على الجانب الآخر، فهم أفيكاي أدرعي أن التأثير يتحقق بالوصول إلى العقول والقلوب. تعلم العربية ليُتقن النبرة التي تجعل رسائله تتردد في أوساط الجمهور العربي. درسها ليفهم نبض المجتمعات العربية، مستغلاً ذلك لاحقًا في دوره الإعلامي حيث أتقن خطابًا مصممًا لإثارة الجدل وجذب الانتباه، ليكون شخصية دعائية تشكل الروايات التي تخدم دولته.

نشأ أفيكاي أدرعي في بيئة عسكرية رأت في العربية مفتاحًا للتأثير على المجتمعات العربية. درس اللغة في معاهد متخصصة، وخاض في تعابيرها وامتص ثقافتها - ليس للتقارب، بل لإتقان فن الدعاية. أصبح صوته مألوفًا للعرب، يخلط التحريض بالإغراء، مستخدمًا العربية جسرًا لنقل رسائل دولته في خضم الصراعات النفسية والإعلامية.

بين هذين الإتقانين، تُحَوَّل لغتان إلى أسلحة في معركة فكرية طويلة الأمد.