يحيى السنوار: لغة العدو لفهم خططه
في زنزانة ضيقة تحت وطأة الاحتلال، أدرك يحيى السنوار - رحمه الله وتقبله في الشهداء - أن القوة لا تأتي بالسلاح وحده، بل بالفهم العميق للعقل الذي يقف وراء السلاح. سنوات طويلة قضاها في الأسر، ومعها بدأ في التقاط اللغة العبرية، ليس مجرد كلمات، بل نافذة إلى ثقافة العدو وخططه. في كل كلمة يتعلمها، كان يخطط لمستقبل يدافع فيه عن شعبه بأسلحة العقل كما القوة، مؤمنًا بأن معرفة الآخر انتصار عليه.
بدأ بتعلم العبرية من السجانين والكتب، يدون الكلمات كمن ينقش سلاحه. لم يكن التعلم ترفًا، بل أداة لفهم استراتيجيات الاحتلال ومخططاته. خرج من السجن لا يحمل لغة العدو فقط، بل فهماً أعمق لعقله.
اكتشف يحيى السنوار أن معرفة لغة العدو ليست مجرد خيار، بل ضرورة. تعلم العبرية ليقرأ الجرائد ويتابع الأخبار، وليطلع على تفاصيل خطط الاحتلال. تحول من سجين يلتقط الكلمات العبرية بصعوبة إلى قائد يقرأ بين السطور، متسلحًا بلغة العدو لفك شفراته ومواجهته على أرض الواقع.
أفيخاي أدرعي: لغة التأثير والسيطرة
على الجانب الآخر، كان أفيخاي أدرعي يدرك أن النفوذ لا يتحقق إلا بالتواصل مع العقول والقلوب. تعلم العربية لإتقان النغمة التي تجعل رسائله تصل إلى جمهور عربي واسع. درسها محاولًا فهم نبض المجتمعات العربية، ليستغلها لاحقًا في عمله الإعلامي، حيث يتقن الخطاب الذي يثير الجدل ويجذب الانتباه لدوره كوجه دعائي يسعى لتشكيل الرواية التي تخدم مصالح دويلته.
نشأ أفيخاي أدرعي في بيئة عسكرية ترى في اللغة العربية مفتاحًا للتأثير في المجتمعات العربية. درس اللغة في معاهد مختصة، غاص في تعابيرها، واستوعب ثقافتها، ليس بهدف التقارب، بل لإتقان فن الخطاب الدعائي. أصبح صوته مألوفًا للعرب، يخلط بين التحريض والإغراء، مستخدمًا العربية كجسر لتمرير رسائل دويلته وسط صراعات نفسية وإعلامية.
بين الإتقانين، لغتان تُستخدمان كسلاحين في معركة عقدية طويلة الأمد.